الكيس المائي الطفيلي في الكبد: التشخيص والعلاج والوقاية

مع اقتراب عيد الإضحى الذي يترافق مع ذبح أعداد كبيرة من الخرفان ( بطريقة عشوائية في كثير من الحالات) يعود الحديث مجددا عن الكيس المائي الطفيلي الذي يمثل الخروف و الكلب وسائط انتقال هذا المرض الطفيلي إلى الإنسان. و هو ما يستدعي إرشادات للمواطنين لإتخاذ إجراءات وقائية ضد هذا المرض.

ما هو الكيس المائي الطفيلي؟

هو تشكل  كيس مائي في أحد أعضاء الجسم. و تمثل الكبد العضو الأكثر تعرضا لهذا المرض بنسبة 70 بالمائة. و تأتي الرئة في المرتبة الثانية بنسبة 20 بالمائة. و في 10 بالمائة من الحالات يمكن للكيس المائي أن يصيب أي عضو أو نسيج في الجسم مثل الطحال أو الكلى أو أو الدماغ. و تمثل إصابة العظام بالكيس المائي إحدى الإصابات الأكثر خطورة لأنه يتسبب في تفتت العظام و تأكلها. و يمكن أن يصيب في نفس الوقت عديد الأعضاء و الأنسجة.

و يبلغ الكيس المائي أحجاما مختلفة من 1 سنتيمتر إلى 20 سنتيمتر و في بعض الأحيان أكثر من ذلك. و يكون الكيس وحيدا أو متعددا و قد يبلغ العشرات. كما يمر تطوره بأربعة مراحل من الكيس "اليافع" في أول مراحله وصولا إلى جفافه من السائل و تحوله إلى كتلة كلسية.

الدورة الوبائية: من الكلب إلى الخروف إلى الكلب (الصورة رقم 1)




المتسبب في الكيس المائي هي دودة من نوع الطفيليات و تسمى الدودة المشوكة الحبيبية Echinococcus granulosus.

تعيش هذه الدودة في أحشاء الكلب الذي يسمى المضيف النهائي hôte définitif.

وعندما تبلغ الدودة مرحلة النضوج تقوم بإفراغ بويضاتها في أمعاء الكلب. فيلقيها مع برازه فتلوث الأرض والمياه الراكدة والخضر المزروعة والأشياء الملقاة في الأرض. كما تلوث هذه البويضات جلد الكلب و شعره و لسانه.

يصاب الخروف ويسمى المضيف الوسيط hôte intermédiaire   عندما يأكل أعشابا ملوثة ببويضات الدودة الملقاة مع براز الكلب. في أمعاء الخروف تفقس البيضات فتفرخ دودة تنتقل من الأمعاء إلى الدورة الدموية ومنها إلى الكبد حيث تنبت في نسيجها و تشكل كيسا مائيا يكبر تدريجيا ليبلغ حجما كبيرا. وفي حوالي 30بالمائة تتجاوز الديدان حاجز الكبد عبر الدورة الدموية فتنبت كيسا في الرئة (20 بالمائة من الحالات). وقد تتجاوز الرئتين لتصيب أي عضو من أعضاء الجسم.

عندما يذبح الإنسان الخروف في الأعياد أو المناسبات (بطريقة عشوائية) وعندما يكتشف أن كبد الخروف أو رئته مصابة بالكيس يلقي بها في الفضلات. تلك الأكياس تحتوي على كمية كبيرة من الديدان scolex التي تمثل الشكل الجنيني لدودة المشوكة الحبيبة. لذلك وعندما تأكل الكلاب السائبة كبد الخروف المصابة بالكيس المائي تدخل أحشاءها تلك الديدان فتكبر وتنضج ويصبح الكلب مصابا بالمرض. ويلوث ببرازه المحيط الطبيعي وهكذا دواليك لتكتمل الدورة الوبائية للكيس المائي.

لذلك وحتى نتفادى إصابة الكلاب بالمرض علينا أن لا نلقي بالكبد أو الرئة المريضة بالكيس في الفضلات وإنما يجب أن نحرقها تماما لقتل الديدان التي تحتوي عليها.

كيف يصاب الإنسان بالكيس المائي الطفيلي؟

يعتبر الإنسان مضيف عرضي للمرض hôte accidentel. يجب التدقيق بأن الإنسان لا يصاب بالكيس المائي عندما يأكل كبد الخروف المصابة بالكيس. و إنما تنتقل له العدوى عن طريق الكلب عندما يأكل خضروات أو غلال  أو أكلات أو مياه ملوثة ببراز الكلب الذي يحتوي على البويضات أو عندما يلاعب  كلبا مصابا و يكون لسانه أو جلده أو شعره ملوث بالبويضات الطفيلية.

 في أمعاء الإنسان تفقس البويضات فتخرج الديدان و تنتقل إلى الدورة الدموية. فتنبت في الكبد و تشكل بعد فترة معينة كيسا في الكبد. و قد تتخطى الديدان حاجز الكبد فتنبت في الرئتين أو في أي عضو في الإنسان.

تشخيص الكيس المائي الطفيلي  للكبد

قد يكون التشخيص متأخرا لأن نمو الكيس في الكبد يتطلب بضعة أشهر أو حتى سنوات.

عادة ما يشعر الإنسان بألأم في الجزء الأيمن والأعلى من البطن (موقع الكبد) مع إحساس بالتقيؤ وارتفاع للحرارة في بعض الأحيان.

تشخيص كيس الكبد أمر سهل باستعمال التصوير الطبي بالصدى وخاصة باستعمال جهاز السكانار الذي يمكن من تدقيق التشخيص.

الأمر الخطير في كيس الكبد هو حصول مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان مثل تعفن الكيس المائي أو انفلاقه في القنوات الصفراوية أو في البطن أو في القفص الصدري والرئتين. لذلك من الضروري إجراء عملية جراحية لاستئصال الكيس في أقرب وقت قبل حدوث المضاعفات الخطيرة.

الجراحة: العلاج الوحيد للكيس المائي الطفيلي في الكبد.

الطريقة الوحيدة لعلاج كيس الكبد هي الجراحة عبر فتح البطن. يقوم الجراح بتعقيم الكيس بالمادة المناسبة ثم يقوم بإفراغه وتنظيفه عبر تقنيات دقيقة ومتعارف عليها (صور 2 و3).

مبادئ الوقاية من الكيس المائي الطفيلي

 • تجاه الإنسان: اتباع قواعد النظافة الأساسية حتى لا يتناول أطعمة ملوثة بالبويضات مثل غسل اليدين قبل الأكل
   والغسل الجيد للخضروات والغلال قبل تناولها وتفادي شرب المياه غير المعالجة وتفادي ملاعبة الكلاب السائبة.

 • تجاه الخروف: يجب حرق أحشاء الخروف المريضة بالكيس المائي عوض إلقائها في الفضلات ومنع الذبح العشوائي وحصر الذبح في المذابح المرخصة.

 • تجاه الكلب: مقاومة الكلاب السائبة. وقد قامت بعض البلدان بالقضاء على الكلاب المريضة لتفادي انتقال العدوى.