الإدمان على التدخين وآثاره على الأنف والأذن والحنجرة

يشكل الإدمان على التدخين خطرا على الصحة العامة بما في ذلك سلامة الأنف والأذن والحنجرة. وتحتوي السجائر على مجموعة من المكونات الخطرة على غرار النيكوتين إلى جانب أكثر من 70 مادة كيميائية منها ما هو مسرطن وغير مسرطن كالقطران وأحادي أكسيد الكربون وغيرها…

آثار التدخين على سلامة الأنف

يعتبر الأنف خط الدفاع الأول في الجسم. ويحتوي الأنف على مجموعة من الأغشية المخاطية التي تمتد من الأنف وصولا إلى القصبة الهوائية وتتميز هذه الأغشية بخاصيتين مهمتين وهي إفراز المخاط الذي يعمل على ترطيب الغشاء المخاطي لحمايته إلى جانب وجود شعيرات تلعب دورا مهما في التخلص من أي بكتيريا أو فيروسات تدخل إلى الأنف والقصبة الهوائية.

ولدى الأشخاص المدخنين تتأثر هذه الأغشية وخاصة الشعيرات التي تفقد قدرتها التدريجية على تنظيف الأنف من البكتيريا والفيروسات كما أن الأغشية تفقد تدريجيا قدرتها على إفراز السائل المخاطي وهو ما يؤدي إلى الإصابة بإلتهاب مزمن وسيلان. ولذا يصاب المدخنين بانسداد الأنف المزمن. كما تتأثر أيضا الجيوب الأنفية المحيطة بالأنف، وهو ما يجعل المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالتهابات متكررة.

وإلى جانب الإلتهابات، يعتبر المدخنين الأكثر عرضة للإصابة بأورام الأنف خاصة إذا توفرت عوامل أخرى على غرار العمل في بيئات ملوثة واستنشاق مواد كيميائية بشكل دائم.

ويجدر الإشارة إلى أن المدخنين يبدأون بفقدان حاسة الشم تدريجيا إلى حين فقدانه التام، إلى جانب تأثر حاسة الذوق أيضا، مما يؤثر على جودة حياة المدخن ورفاهيته.

آثار التدخين على الأذن

يعتقد الأفراد عادة بعدم وجود صلة بين سلامة الأذن والتدخين، وهو ما تنفيه البحوث المتعلقة بآثار التدخين والتي تؤكد أن التدخين يؤثر على حاسة السمع، وذلك بسبب أن الدورة الدموية الموجودة في الأذن، وتحديدا منطقة القبو المسؤولة عن تحويل الاهتزازات الصوتية القادمة من الأذن الخارجية والوسطى إلى إشارات ترسل إلى الدماغ، وتحتوي هذه المنطقة على شعيرات دموية صغيرة تتأثر بالتدخين، فتتضائل الخلايا الحسية ويضعف الصوت تدريجيا في كلتا الأذنين ويشمل خاصة الترددات العالية.

كما يمكن أن تترافق هذه الحالة مع طنين يزداد في حال الإصابة بارتفاع ضغط الدم وتسبب إزعاجا وقت النوم.

ويشار إلى أن الطفل المعرض للتدخين السلبي يتأثر بدوره بآثار التدخين، واتضح علميا أن التدخين السلبي يسبب له نوعا من التهابات الأذن الوسطى المتكررة لدى الأطفال. ولذا من الضروري وقاية الأطفال والرضع من التدخين السلبي قدر الإمكان.

آثار التدخين على الحنجرة

يتأثر الجهاز التنفسي العلوي إنطلاقا من الأنف والشفتين وصولا إلى الحبال الصوتية بآثار التدخين. ومن أهم التأثيرات نجد سرطان اللثة وسرطان الشفتين وسرطان الوجنتين واللسان واللوزتين والحلق أيضا.

وفي حال كان المدخن يعاني أيضا من إدمان الكحول، يزداد خطر الإصابة بالسرطان بنسبة عالية جدا مقارنة بالأشخاص العاديين. وفي البلدان الأوروبية تزداد نسبة هذه السرطانات نتيجة الإفراط في شرب الكحول، أما في تونس فتزداد نسبة الإصابة بسرطان الأحبال الصوتية، وهو السرطان الأول في اختصاص الأنف والأذن والحنجرة، ويحتل المرتبة الثامنة على مستوى السرطانات في تونس.

ويجدر الإشارة إلى أن عرض البحة إذا تجاوز الثلاث أسابيع دون تحسن أو كان متكررا، لا بد من القيام بتقصي على الحبال الصوتية وسحب عينة إذا لزم الأمر للتأكد من وجود السرطان من عدمه. كما يجب الانتباه إلى أعراض صعوبة البلع المستمرة، أيضا تستدعي الفحص الطبي.

أهمية التشخيص المبكر

يعتبر التشخيص المبكر من أهم آليات تقصي السرطان وعلاجه. لذا لا بد من التركيز على الأعراض والانتباه لها على بساطتها خاصة إذا كان الفرد مدخنا. كما يظل الإقلاع النهائي والفوري والمبكر أفضل وسيلة للوقاية من الإصابة بالسرطان، لذا ينصح المدخنين باتخاذ قرار الإقلاع النهائي وطلب المساعدة الطبية عند الحاجة بما يضمن سلامة الجسم وحمايته من مختلف مخاطر التدخين وآثاره.

وأخيرا، يعتبر الإقلاع عن التدخين الخيار الأفضل لتجنب جميع المضاعفات المذكورة سابقا. وتوجد اليوم عدة طرق وآليات لمساعدة المدخنين على التخلص من إدمان التدخين مثل لاصقات وعلكات النيكوتين التي تساعد الجسم على التأقلم التدريجي على نقص النيكوتين وتقلل من علامات الانسحاب المزعجة. كما يمكن أيضا استخدام التبغ المسخن مؤقتا خلال رحلة الإقلاع عن التدخين كونه لا يشكل ضررا كبيرا مقارنة بالسجائر العادية.